نوميـــــــــــــــــــــــــــديا
نوميديا هي مملكة امازيغية قديمة قامت في غرب شمال افريقيا ممتدة من غرب تونس الحلية لتشمل الجزائر الحالية وجزء من المغرب الحالي, وكانت تسكنها مجموعتين كبيرتين, احداهما تسمى: المازيليون, في الجهة الغربية من مملكة نوميديا, وهم قبيلة تميزت بمحالفة الرومان والتعاون في ما بينهم ضد قرطاج, اما القبيلة الأخرى فكانت تسمى بالمسايسوليون وهم على عكس المازيليين كانوا معادين لروما متحالفين مع قرطاج وكان موطنهم يمتد في المناطق الممتدة بين سطيف والجزائر العاصمة ووهران الحالية. وكان لكل قبيلة منهما ملك يحكمها اذ حكم ماسينيسا/ماسينيزا على القبيلة المزيلية في حين حكم سيفاكس على المسايسوليين.
تاريخ تأسيس نوميديا. لا يعرف تاريخ تأسيس مملكة نوميديا على وجه التحديد, فبعض المصادر القديمة سواء المصرية الفرعونية او اللاتينية اشارت الى وجود ملوك امازيغ في شمال افريقيا, بحيث تروي بعض الروايات الأسطورية او التأريخية ان الأميرة الفنيقية أليسا المعروفة بديدو ابتسمت باغراء لأرضاء الملك الأمازيغي النوميدي يارباس ليسمح لها بالأقامة في مملكته, وهو ما رواه المؤرخ اللاتيني يوستينيوس نقلا عن غيره. كما اشارت بعض المصادر اللاتينية ان كلا من الملكين الأمازيغيين: يارباس ويوفاس رغبا في التزوج بالأميرة الفينيقية أليسا, كما اشار الشاعر فيرخيليوس الى ان يارباس كان يفرض زواجه على أليسا كما كان يقدم القرابين لأبيه جوبيتر-آمون في معابده الباهرة ليحقق له امنيته. غير ان هذه الأساطير ليست دقيقة فالأستاذ محمد شفيق يتساءل عما اذا كان المقصودون هنا هم زعماء القبائل. وحسب الأستاذ نفسه فأنه من المحقق انه كان هناك ملوك للأراضي النوميدية, وان جل المؤرخين يعتقدون ان أيلماس هو المؤسس لمملكة نوميديا, وللأشارة فان الملك ماسينيسا الذي ينتمي الى اسرة أيلماس كان يطالب باسترداد اراضي اجداده في حربه ضد قرطاج ومملكة موريطانيا الطنجية (شمال المغرب) مدعوما بروما.
نوميديا في عهد ماسينيسا.
يعتبر ماسينيسا اشهر الملوك النوميديين, اذ تميز بقدراته العسكرية بحيث تمكن من هزم خصمه الأمازيغي سيفاكس, كما تمكن من هزم حنبعل القرطاجي اعظم الجنيرالات التاريخيين, في معركة زاما بتونس الحالية سنة 202 قبل الميلاد. ولربما لأسباب عاطفية تكمن في تزوييج القرطاجيين خطيبته : صوفونيسا لخصمه المسايسولي سيفاكس, رافعا شعاره الشهير: افريقيا للأفارقة, متحالفا مع روما, عاملا على تأسيس دولة امازيغية قادرة على مواجهة التحديات الخارجية. وفي عهده برزت نوميديا في ميادين عسكرية وثقافية متبعا التقاليد الأغريقية في ما يتعلق بالطقوس الملكية, ومتبنيا الثقافة البونيقية في الميادين الثقافية. كما جهز الأساطيل ونظم الجيش وشجع على الأستقرار وتعاطي الزراعة وشجع التجارة الشيء الذي جعله يعتبر ابرز الملوك الأمازيغ القدماء.
نوميديا بعد ماسينيسا ماسينيسا الذي بلغ من الكبر عتيا لم يأخذ بالحسبان المطلوب القوة الرومانية ، كما انه لم ينظم امور الملك, فبعد وفاته قامت صراعات بين ابنائه لحيازة العرش, فتدخل الرومان ووزعوا حكم نوميديا التي اصبحت الخطر القادم بعد انهيار قرطاج, على ثلاثة من ابائه, ونصبوا مسيبسا حاكما لنوميديا وعمل على مد جسور العلاقات الودية مع روما, في حين جعل اخوه غيلاسا قائدا للجيش, بينما جعل الأخ الثالث: ماستانابال القائد الأعلى في مملكة نوميديا, غير ان ميسيسا سينفرد بالملك بعد وفاة اخوته في وقت مبكر .
نوميديا بعد ميسيبسا.
بعد وفاة ميسيبسا سيندلع ايضا صراع بين أبنائه وهم: هيامبسل واذر بعل وابن أخيه يوغرطا الذي هو حفيد لماسينيزا, وعلى غرار التجربة الأولى عملت روما على التدخل لتوزيع مملكة نوميديا قصد إضعافها غير ان يوغرطا تميز بقوميته على غرار جده ماسينيسا حالما بإنشاء مملكة نوميدية امازيغية قوية, بعيدة عن تأثير القوة الرومانية.
نوميديا في عهد يوغرطا بعد الصراع بين ابناء ميسيبسا تمكن يوغرطا من القضاء عليهم, ومن مدينته سيرطا التي اختارها كمنطلق لحروبه ضد الرومان كبد روما خسائر كبيرة في جنودها حتى بدا وكأن الفوز سيكون لا محال من نصيب يوغرطا, غير انه وحسب الروايات المتداولة قام احد ملوك موريطانيا الأمازيغ التي وجدت في منطقة المغرب الحالي وهو بوشوس غدر به في فخ روماني, وبذلك تم القبض عليه وسجن الى تمكن منه الموت
نوميديا بعد هزيمة يوغرطا بعد هذه الهزيمة اصبحت شمال افريقيا غنيمة في يد الرومان, وبدل جعلها عمالة تابعة لروما, نصبوا ملوكا امازيغا على شرط قيامهم بمد روما بالثروات الأفريقية, وبذلك تم تقسيم مملكة نوميديا الى ثلاثة مماليك, استأثر فيها بوشوس بالجزء الغربي جزاء عمالته, في حين حصل غودا على الجزء الشرقي, اما ماستانونزوس فقد حصل على الجزء الأوسط من مملكة نوميديا الموزعة.
نوميديا في عهد يوبا الأول بعد خلفاء بوشوس الذين تميزوا باقامات علاقات ودية مع روما, ظهر ملك امازيغي نوميدي آخر, وهو حفيد ليوغرطا وكان اسمه يوبا الأول. هذا الآخير حلم على نهج اجداده يوغرطا وماسينيزا لبناء دولة امازيغية نوميدية مستقلة تكفيهم التدخلات الأجنبية. وفي سنة 48 قبل الميلاد بدت الفرصة سانحة لتحقيق هذا المأرب, ذلك ان صراعا قام بين بومبيوس وسيزر حول حكم روما. واعتقد يوبا الأول ان النصر سيكون حليفا لبوميوس وراهن على حلف بينهما غير ان النصر كان مخالفا لتوقعات يوبا الأول وتمكن سيزر من هزم خصمه بومبيوس. ففي سنة 48 قبل الميلاد تمكن الجنود الرومان وجنود كل من بوشوس الثاني وبوغود الثاني من تحقيق نصر مدمر ضد جيوش يوبا الأول وبومبيوس. وعلى الرغم من تمكن يوبا الأول من الفرار الى انه انتحر بطريقية فريدة دعا فيها احد مرافقيه من القادة الرومان الى مبارزة كان الموت فيها حليفا لكل منهما .
نوميديا كمقاطعة رومانية
بعد هزيمة يوبا الأول فقدت نوميديا استقلالها السياسي, وكانت نهايتهاعام 46 ق.م بعد مرور مائة سنة على ذكرى قرطاجةسنة 146 ق.م وبهذا دخلت نوميديا فترة جديدة وهي فترة الحكم الروماني.
سياسة روما وتعيين يوبا الثاني. يوبا الثاني هو ابن يوبا الاول.ولد عام 50 ق م .تبناه- يوليوس قيصر-وسماه يوبا إحياء لوالده أعطاه تربية رومانية ليكون في المستقبل صديقا للرومان .ولما توفي –يوليوس- وخلفه –أغسطس قيصر- اعتنى به هو الآخر ثم سلمه لآخته – اكطافية- زوجة انطونيوس- فملأت قلبه بحب الرومان فنشا رومانيا في روحه وسلوكه . تلقى العلوم والفنون في معاهد روما فنبغ في التاريخ والجغرافيا والعلوم الإنسانية...الخ. لقد اجلسه الرومان الدين ربوه على عرش آبائه بعد ان تم تزويجه من كليوباترة سيليني ) القمر( ابنة كليوباترة الملكة المصرية الشهيرة. لجعل إخلاصه للرومان متواصلا كما اتخذ من مدينة –يول - )شرشال( عاصمة له وكان يعيش في جو-هيليني- .اهمل يوبا ثاني رعيته ورماها في حماة العبودية من جهة .ومن جهة أخرى أراد ان يغرس فيها حب الرومان وثقافته لكن الثقافة تتنافى مع العبودية-, فلم يكن يدرك قيمة بلاده وقيمة رعيته ...-. لقد كان وضع البرابرة في عهد الاحتلال يرثى له مثله في دلك مثل أحفاده في الاحتلال الفرنسي .
كان تاكفريناس س ضابطا في الجيش الروماني .فتحركت فيه عزة النفس بالرغم من رغد العيش وترفه الذي كان يعيشه في ظل الرومان .وهو يشاهد قومه كيف يستغلون و يستبعدون الأمر الذي د فعه إلى التمرد وإعلان الثورة على الاحتلال الروماني . انطلق من الأوراس بعد أن أعد العدة ودرب أنصاره هناك .معلنا ثورته عام 17م التي عمت تقريبا جميع بلاد المغرب من موريتانيا غربا إلى طرابلس شرقا .وقد كبد تاكفريناس الرومان عدة هزائم .هددت وجودهم في المنطقة ودفعتهم إلى تعبئة كل قوا تهم .وبينما كان تكفرينا س في شرق سور الغماوالان .فجاءته قوات رومانية موريتانية .فدافع تاكفريناس دفاع الأبطال حتى سقط في ميدان القتال عام 23م.لتخمد بذلك ثورته .وتندلع ثورات أخرى للتخلص من الاحتلال الروماني.
*حكم بطليموس ( 23-40م)
خلف بطليموس والده يوبا الثاني .وقد ذهب في زيارة ودية إلى روما في عهد الإمبراطور كاليقولا (37م-41م)"المعتوه الأحمق".وكان بطليموس قد ارتدى ثيابا فاخرة تفوق لباس الإمبراطور .فحقد عليه وأمر في الحال بإعدامه.عام 40م.وبموته انتهت مملكة موريتانيا .وحولت إلى ولايتين رومانيتين باسم موريتانيا القيصرية .وموريتانيا الطانجية .وبذلك سيطر الرومان على الشمال الإفريقي كله من طرابلس إلى طانجة . أما البلاد الداخلية فلم يتعدى نفوذهم إليه كثيرا واستمرت كمراكز .لانطلاق المقاومة الشعبية .حيث قامت ثورة أهالي وقبائل جبال بابور ما بين سكيكدة وقسنطينة عام 253م ولم تنته هذه الثورة في 262م .لتبدأ ثورات أخرى ببلاد القبائل الحالية من عام 269م إلى 298م.وفي عام 372م تبدأ ثورة النوميدي "ضد الرومان بجهات جرجرة لتستمر حتى عام 375م.
التدهور الروماني وانتشار الديانة المسيحية:
كان الرومان وثنيين يعبدون الأوثان ويأهلون ا لشمس وغيرها من الأصنام لقد كانوا غارقين في ظلمات الإشراك بالله سبحانه وتعالى عما يشركون .ولما جاء الدين المسيحي أصبح لهم أنصار كما أصبح لهم أعداء .فما كادت روما تعشق الديانة المسيحية وتجعلها دينا رسميا .عام 312م.حتى أخذا البربر ينفرون من ذلك الدين ويأتمرون بأمر راهب بربري يدعى دونات الغربي .أو "دوناتوس"الذي أسس مذهبا إنشق عن الكنيسة المسيحية الموالية للحكم الروماني .وقد ظهرت الحركة الدوناتية سنة 313م.وكان ظاهرها دينيا وباطنها سياسيا .ترمي إلى تحرير المغرب من ظلم الرومان وجبروتهم .كان اليونانيون قد تعرضوا إلى مطاردة الرومان الذين اعتبروهم خارجين عن القانون.فالتف حولهم جميع المعارضين للسلطة الرومانية.